قصة سيدنا سليمان تبدأ بحكمه العادل وحكمته التي منحه الله إياها فكان قاضيًا فطنًا منذ
صغره وقد حدثت حادثة حين نفشت غنم أحد الرجال في أرض زراعية لرجل آخر فذهب
الرجلان إلى داود ليحكم بينهما فحكم بأن يأخذ صاحب الأرض الغنم عوضًا عن خسارته
لكن سليمان رأى حكمًا أكثر عدلًا فقال لو كان الحكم له لأعطى صاحب الأرض الغنم
لينتفع بها حتى تعود الأرض كما كانت ثم يعيدها إلى صاحبها فوافق داود على رأي سليمان
بعد وفاة داود تولى سليمان الحكم وكان صغيرًا في السن فآتاه الله الحكمة والقوة وسخر له
الإنس والجن والطير والريح فقد كان يجلس في مجلسه والطير تظلله والجن يعملون بأمره
وقد ورث سليمان علم داود وحكمه فكانت له دولة قوية وحكم عادل
من قصص سليمان أنه افتقد الهدهد يومًا فتوعّده بالعذاب إن لم يكن لديه عذر وعندما عاد
الهدهد أخبره أنه رأى قومًا في سبأ وملكتهم بلقيس يسجدون للشمس فبعث سليمان إليها
برسالة يدعوها لعبادة الله فلما وصلها الكتاب استشارت قومها فقرروا إرسال هدية
لسليمان ليروا رده لكنه رفض الهدية وهددهم بجنوده فقررت بلقيس الذهاب إليه فأمر
سليمان بإحضار عرشها قبل وصولها فجاء به عالم من قومه بسرعة فلما وصلت ورأته
عرفته ثم أُدخلت إلى قصره وكان أرضه زجاجًا شفافًا فظنّت أنه ماء فكشفت عن ساقيها فأدركت عظمة سليمان وأعلنت إسلامها
ذات يوم كان سليمان يسير مع جنوده فسمع نملة تحذر قومها من أن يطؤهم سليمان
وجنوده دون قصد فتبسم من قولها وحمد الله على نعمته
أما عن وفاة سليمان فقد توفاه الله وهو متكئ على عصاه وظل واقفًا مدة طويلة حتى أكلت
دودة الأرض العصا فسقط فعلم الجن بموته فقد كانوا يعملون ظانين أنه ما زال حيًا فبان كذب ادعائهم بمعرفة الغيب
من معجزاته تسخير الريح فكانت تسير بأمره وتنقل السحاب وتسخير الجن فكانوا يبنون له
المحاريب والقصور والغوص في البحار لاستخراج الكنوز كما أسال الله له النحاس فكان
يستخدمه في صناعة السلاح وقد منحه الله القدرة على فهم كلام الطير والحيوان فكانت مملكته قائمة على الحكمة والقوة والطاعة لله
قصة سيدنا سليمان في القران
قصة سليمان عليه السلام ذُكرت في عدة سور من القرآن الكريم مثل سورة الأنبياء وسورة
النمل والصاد. فهو من أنبياء الله العظيم وملكاً عظيماً ملكاً ونبي عظيم هو داود عليه
السلام كما جاء في كلام الله "وَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ" في سورة النمل. وقد روى ابن كثير أن
سليمان ورث النبوة والملك دون المال؛ فإن مال الأنبياء لا يُورث وما تركوه كان صدقة.
وقد خصه الله بمعجزات وردت في القرآن منها أن الله علمه منطقة الطير وملكه على
الإنس والجن والطيران كما يظهر في "وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ
فَهُمْ يُوزَعُونَ" في سورة النمل. وكذلك يدل الله كيف سخر له الريح لتجري بأمره رخواً
حيث تخصص الشياطين كل بنّاء وآخرين مقرنين في الأصفاد، مع إشارة إلى عطاء الله
الذي لم يُحسب له حساب في سورة الصاد "هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ
لَهُ عِنْدَنَا" لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ". عاش سليمان عليه السلام وخمسين سنة وكان ملكه أربعين
سنة كما نقل ابن كثير عن الزهري وغيره وقد ذكَر ابن جرير أن عمره كان نيفا وخمسين
سنة. ولما اقتربه لكي يريد أن يعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب فقام يصلي متوكئاً على عصاه فقبض ملك الموت روحه وهو على تلك الحالة فمكث سنة على حاله يظنون أنه
يصلي؛ وهذا بيان الله في سورة سبأ كاليفورنيا "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ
إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَا خَرَّ تَبَي الذي تِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ". الْغَيْب مَا
لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ». ولا يتسع المقام لذكر المزيد من التفاصيل ونحيلكم إلى قصته المفصلة بادن الله في قصص الانبياء بن كتير رحمه الله